رأي إعلامي أ/شاذلي عبدالسلام محمد 🖋️ حين يعض الذيل الجسد

🔹في عالم تتداخل فيه حدود الحقيقة والخيال وتذوب فيه الدولة في رمال العبث نعيش لحظة شديدة الرمزية ومفرطة في دلالاتها الفلسفية لحظة تتجاوز الأخبار اليومية والانشقاقات السياسية إلى مقام أعلى، مقام الفكرة حين تنقلب على ذاتها انشقاق أحد قادة الدعم السريع عن دقلو لا يمكن قراءته كحادثة منعزلة أو اختلاف شخصي بل يجب النظر إليه كعرض مرضي لكيانٍ مصاب بالسرطان الداخلي، كيان لم يبن على المبادئ بل على الغنائم والدم ولذلك لم يحتمل أول اهتزاز أخلاقي ولا أول لحظة شك في سلطة “الشيخ المقاتل”……
🔹منذ نشأته، لم يكن “الدعم السريع” سوى فكرة مشوهة لا تنتمي إلى مؤسسة ولا عقل دولةو تكون من بقايا الغضب والهامش والمصالح وتحركه غريزة السيطرة لا رؤية الوطن و كيان بلا نظرية، بلا هوية، بلا ملامح ثابتة، ولذلك لا غرابة أن يبدأ في التآكل من داخله لأن الشيء الذي لا يعرف لماذا وجد لا يستطيع أن يقرر كيف يستمر وهذا الانشقاق إذا ليس خيانة، بل لحظة وعي، ولو كانت متأخرة. لحظة قرر فيها أحد “الأبناء” أن ينفصل عن جسد الوحش الذي شارك في صناعته، ربما لأنه شعر أن الوحش بدأ يلتهم نفسه، أو لأن الرائحة أصبحت لا تطاق….
🔹يا دقلو لعلك لم تفهم بعد أن المليشيا لا تصنع المجد ولا تمنحك الشرعية بل تحولك إلى مادة خام في كتاب الهزائم الوطنية و من يقاتل بلا فكرة لا ينتصر بل يتمدد مؤقتا كالفطر السام ثم يموت في صمت تظن أن من انشق عنك قد خانك؟ بل لعله فقط سبقك إلى لحظة الخروج من العبث و هل سألت نفسك يوما ما الذي يربطك برجالك؟ الدين؟ لا الوطن؟ بالطبع لا المبادئ؟ ما عرفت لها بابا ما يربطك بهم هو “غنيمة اللحظة” وما دامت الغنائم شحيحة فالقلوب لن تثبت والسيوف لن تنتظر….
🔹ولأن منطقك منحرف من الأصل فقد بدت لك الخيانة في عيون المنشقين، ونسيت أنك أكبر خائن في دفتر هذا الوطن و من الذي حرض الطين على الدم؟ من الذي فكك الخرائط، ووزع البنادق وجعل من البلاد “دكان سلاح متنقل”؟ من الذي سلّح الجهل، ثم غضب لأن الجهل قرر التفكير؟ ها هي مخلوقاتك تنهشك ليس لأنهم أصبحوا أنقياء بل لأن المركب تغرق والجرذان كما تعلمنا من التاريخ أول من يشعر بالماء….
🔹المثير في المشهد كله أن من كانوا بالأمس شركاء في القتل يخرجون اليوم علينا بثياب الأنبياء يتحدثون عن الأخلاق وعن الشرف العسكري وكأنهم لم يفتحوا مدن الأبرياء كأنها ثكنات و لكنها حكمة التاريخ الساخر أن يقف اللص في لحظة ما ويتهم زملاءه بالسرقة وأن يتحول القاتل إلى شاهد ملك في محكمة العار فلا تصدق يا دقلو أن الأمور بيدك فالذي ينشق اليوم عنك هو الذي سيكتب شهادتك غدا لا التاريخ…..
🔹في النهاية يا حميدتي لا تحزن كثيرا…فالذيل الذي عضك اليوم هو نفسه الذي كنت تلهو به بالأمس وتظنه لك والمضحك أن هذا الانشقاق ما هو إلا أول “زغردة” داخل مأتمك القادم فهل تدري ما هو الفرق بينك وبين الدولة؟ أن الدولة تموت واقفة بينما المليشيا تموت وهي تبحث عن مكان تختبئ فيه فاحزم أغراضك يا أمير الرمال وتأكد أن من تبقى حولك ليسوا مخلصين بل مجرد منسقي هروب في انتظار اللحظة المناسبةأما نحن فلا نملك سوى أن نضحك بصوت عال
لأن العبث حين يتفكك… يصير مضحكا جدا….
🔹الي ان نلتقي…..
٨ أبريل ٢٠٢٥م